Tuesday, June 08, 2010

انانـة في دمشـق


في احدى المرات وقعت عيناي على خبر اوردته (العربية) عن فتاة عراقية اسمها "انانة" السومرية في دمشق سبتمبر 2008 ، وبالرغم من كوني لااعرف ماذا حدث في تلك الفترة الا انني اشعر الآن بأنه من الضروري ان ادلي برأي حول تلك القصة .

المقالة الاولى عن اللوحة كانت بقلم د.سوكي فلاكينبيرك كاتب المرأة الامريكي المعروف والتي نشرها في بعض الصحف الامريكية مثل (امريكان كرونكل) ، وكذلك موقع "ايلاف" وهو موقع عربي الكتروني متقدم الذي ترجم المقالة ونشرها على موقعه حيث حصدت المقالة على عدد من التعليقات وردود الافعال منها ماهو جيد ومنها ماهو سيء ، بعضها مساند والآخر قبيح ويشكل هذا رد فعل طبيعي للحديث حول موضوع "البغاء" .

في اليوم التالي تلقيت مكالمة هاتفية من السيد حيان نيوف مراسل قناة العربية طالبا اجراء مقابلة معي بشأن اللوحة واستجبت لهذا الطلب لشعوري بأنه سيكون هناك حوارا ايجابيا حول محنة ومعاناة الفتيات والنساء العراقيات في سوريا والتي يتم تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الاعلام .

وفي تلك المقابلة اعطيت ماكنت اعتقده صائبا حيث تحدثت عن جميع المفاهيم المختلفة التي احتوتها اللوحات والتي تمثل تشويه لأحدى لوحات المستشرق الفرنسي جان ليون جيروم والذي رسم "سوق العبيد" في سنة 1867 والتي تمثل عملية بيع فتيات في سن التاسعة واجبارهن على ممارسة البغاء في سوريا وفي الوطن العربي .

لقد اوضحت كيف ان كل الشخصيات الظاهرة في اللوحة لعبت دورا معينا في التسبب في ظاهرة الدعارة بين اوساط اللاجئات العراقيات سواء من قبل الجندي الامريكي او "القواد العربي" او الزبون السعودي ، وقد أكدت بشكل رئيسي على هذه المفاهيم للمراسل المزعوم ، وأردت ان اجعل الامر واضحا تماما من ان الفتاة العراقية "انانة" تمثل رمزا للوطن العراق .
لقد تم استغلال العراق من قبل جيرانه والغرب بشكل مستمر وثابت ومنذ زمن قبل الغزو الغير شرعي عام 2003 حيث ازدادت بعده وتيرة هذا الاستغلال ، لاأحد من الاقطار المجاورة للعراق او الغزاة من الغرب كان بريئا ، الكل معتدين ، والكل يهدف الى استغلال العراق وقت الازمات او الحروب .

"انانـة" ليست عاهرة بل ضحيــة ، ضحية حرب غير مشروعة ، ضحية استغلال اناس يستفيدون من ضعفها وقلة حيلتها .

ومع الاسف الشديد فأن هذا المراسل استعمل مقاطع منتقاة من المقابلة بهدف اظهاري كأمراة شريرة ، وفي الحقيقة فقد اثارت المقابلة تعليقات وردود افعال لاتحصى ذهب بعضها الى اتهامي بكوني انسانة فاجرة ، والآخر بالمرأة القذرة ، والكندية التي تريد نشر الغسيل القذر للعراق ، واني أحطم سمعة المرأة العراقية الشريفة ، وفي الحقيقة لم اكن اعرف كيف ادافع عن نفسي او عملي ، لكنني كنت اؤمن بأنه على الرغم من المقالة المصاحبة للوحة والتي صورتني بشكل مغاير لحقيقتي ، الا ان اللوحة بقيت ، والمقابلة عرضت ، وهذا بحد ذاته شيء مهم بالنسبة لي ، لأنني على يقين بأن هناك ايضا من قرأ بشكل صحيح الرسائل المحددة التي احتوتها اللوحة .



عاشت "انانة" حياتها في دمشق على صفحات المدونات العربية واخبار مواقع الانترنت ، وجعلت الكثير من الناس يكونون آراء واصوات تدلو بدلوها في موضوع الدعارة في العالم العربي ، وهذا يشكل من وجهة نظري نجاحا في جعل الناس يفكرون في ذلك ، فالاتجاه الذي ذهبوا اليه في جميع الاحوال هو موضوع آخر يبدو اننا العرب لانزال غير مستعدين ان نكون اكثر صراحة وشفافية حول مثل هذه المواضيع التي ابتلينا بها مثل الدعارة بين اللاجئات صغيرات السن ، وكذلك الدعم الصامت لحرب غير مشروعة سببت هذه الازمة وغيرها من الازمات الاخرى .


بطبيعة الحال يؤلمني كثيرا بأن أنعت بالمرأة "القذرة" من قبل مئات من الناس ، كما ويؤلمني أن اشهد الجهل والانغلاق لكثير من قراء الصفحات الالكترونية ، وعلى الرغم من كل ذلك فانني لازلت اساند لوحاتي ومتمسكة بمعتقداتي ولا أندم على اي شيء ، حيث قادني ذلك الى رؤية جديدة حول موضوع "انانـة" في دمشـق